ووقع اختيارنا على هاتين الحقبتين لأنّ فعل القتل حضر بقوّة مرتبطًا بما عرفته المرحلة الحديثة من تحولات سياسية وفلسفية تم من خلالها إعادة بناء مفهومي الدولة والسيادة. وثانيًا، وهذا خاص بالفلسفة الما-بعد حداثية، لأنّ فعل القتل خضع للنقد لِما لحق بالحياة من أفعالٍ تتعدى التصور الحديث للقتل إلى مسائل تتعلق بالتشويه والإعاقة والإماتة. وهو ما جعل الفلاسفة يتصدّون له بالتحليل والنقد، خاصة وأنه أتى مرفقًا بمسألة العنف بعدما استقرّ العالم كله على أن الحياة المعاصرة يسودها السلم والأمن. ولكن تبيّن أن فكرة الأمن الذي تحرص الدولة عليه، من حيث هي صاحبة السلطة، تحجب في نفس الوقت قتلًا مغايرًا لذلك الذي كان موجودًا من قبل؛ فإذا ما كان القتل سابقًا مقابلًا للحياة، أي للدفاع عن الحياة، فإنّ الحياة نفسها في الفهم المعاصر، وكما يبين ذلك ميشيل فوكو، هي من تدفع للموت.
ولبلوغ ما كنا نصبو إليه طرحنا الأسئلة التالية: ما هو القتل وما علاقته بالموت؟ كيف يمكننا إيجاد الوصيّة الأخلاقية في تحريم القتل؟ هل نستطيع أن نطرح حجة فلسفية ضد القتل؟
اضافةتعليق