وما حاولَت إدراجَه في سياق تفعيلِ النَّظريّةِ البنيوية من النَّمطِ الألسنيِّ والتاريخيِّ إلى أسلوب حياةٍ اجتماعيِّ. ولم يكنْ اعتراضُ غارودي مجرَّدَ مُرافعةٍ عن الواقعيّة، بل التزمَ بالردِّ المَنهجيِّ والصَّرامةِ العلميّةِ، وتشبيعِ فضولِ الذّاتِ الفلسفيّةِ والضَّميرِ البَحثيِّ.
وفضلًا عن مُكتسباتِه المَعرفيّةِ الواسعةِ، يَتبدَّى لنا حرصُه على استعمال آليّةِ النَّقدِ ضدَّ البنيويّةِ بشكل مَنهجيٍّ مُنضبطٍ، يُبيِّنُ من خلالِه الفَرضيّةَ والطَّرحَ والمِثالَ، ومُوجِّهًا للأسئلةِ الجَوهريّةِ، ثم ناقدًا مُستمرًّا للفكرة من جزئها إلى كلِّها. وحيث يَرصد غارودي إخفاقاتِ البنيويّةِ على المستوى النَّظريِّ، كما الواقعيِّ، فإنَّه حاولَ أيضًا الردَّ على مُتزعِّمي هذا التَّيارِ، مع تَحديد أعطالِه الفِكريّةِ وإعطابِ النَّظريّةِ، ما دفعَه لإبطال جودةِ النَّظريةِ البنيويّةِ في كلِّ المَجالاتِ التي حاولَ مُنظِّروها إثباتَ إمكانيّةِ مُمارستِها حَيويًّا كعَرضٍ قابل للتَّطبيق والتَّعميم، فالذي أتى عليه غارودي أنَّه شغَّلَ الآلةَ النَّقديّةَ ضدَّ مكامنِ مراس النَّظريةِ البنيويّةِ، ما مَنحَه سلطةَ الحُكمِ عليها بأنَّها نظريّةُ مَوتِ الإنسانِ.
اضافةتعليق