أول الكلام : العُنصريّة والإرثُ "الحضاريُّ" للغَرب

شارك الموضوع :

مُنذُ وُجِد الإنسانُ والظُّلمُ يُطارِدُه في مناكبِ الأرضِ وشِعابِها، ولعلَّ أصعبَ أنواعِ الظُّلمِ أنْ يَجدَ المرءُ إخوةً له في الإنسانيّةِ يَجتهدونَ في إذلالِه واستعبادِهِ، غيرَ عابئينَ بأنَّه مثلهُم يحملُ روحًا توّاقةً إلى العَدلِ، وقلبًا خَفّاقًا بالمشاعرِ، وتَطلُّعًا عاشِقًا للجمالِ الكامنِ في الموجودات، والأنوارِ المُنبعثةِ من وراءِ الحُجُبِ، التي تُخبِرُه أنَّ اللهَ يَسمَعُ ويَرى.

لقد عانى الإنسانُ القديمُ والحديث من آفةِ العُنصريّةِ، التي حملَ لَهيبَها أباطرةٌ وملوكٌ وأُمم، وتزعَّمها في عصرنا الحاضِرِ الغَربُ، فراحَ يُخفي خَلفَها تَناقُضاتِهِ وسُقوطَه الأخلاقيَّ، ويتَّخِذُها سِلاحًا في وجهِ الضُّعفاء من الشُّعوبِ والأفرادِ.

ومع أنَّ الغربَ يَسعى إلى تَقديمِ نفسِه على أنَّه مَهدُ الدِّيمقراطيّةِ، والمُدافِعُ الأوَّلُ عن الحرِّياتِ وحقوقِ الإنسانِ، إلا أنَّ العُنصرِّيةَ لا تزالُ واقعًا يوميًّا يَعيشُه الملايينُ من الأقليّاتِ العِرقيّةِ والمُهاجرينَ داخلَ المُجتمعاتِ الغَربيّة. فمنذُ إلغاءِ العبوديّةِ رسميًّا، مُرورًا بحركات الحقوقِ المَدنيّةِ، وُصولًا إلى ما بعدَ الحَداثةِ، لم تَستطِعِ المُجتمعاتُ الغربيّةُ التخلُّصَ من إرثها العُنصريِّ، وإنَّما أعادَت إنتاجَه بطُرقٍ أكثرَ تَعقيدًا وأقلَّ وُضوحًا، ليَظهَرَ السُّؤالُ الأكثرُ إلحاحًا اليومَ وهو: لماذا لا تزالُ العُنصريّةُ مُتجذِّرةً في المُجتمعات الغَربيّة رغمَ كلِّ الشِّعاراتِ التي ترفَعُها حولَ المُساواة والتعدُّدِيّة؟

اضافةتعليق


ذات صلة

السبت 03 آيار 2025
مجلة «أمم للدراسات الإنسانية والاجتماعية»، مجلة علمية فصلية مُحكّمة، تصدر عن «مركز براثا للدراسات والبحوث» في بيروت/لبنان.
جميع الحقوق محفوظة © 2023, امم للدراسات الانسانية والاجتماعية