وفي سبيل تحقيق هذه الغايات الربحية، اعتمد سياسات وتشريعات سهّلت عليه الوصول لأهدافه. من تحرير العبيد في منتصف القرن التاسع عشر، إلى منح أحفاد المحرَّرين بعض الحقوق المدنية، كانت الرأسماليات الحاكمة في الولايات المتحدة تشقّ طريقها نحو مراكمة القوة، التي مكّنتها من ممارسة الهيمنة على امتداد العالم. وبالنظر إلى طبيعة النظام السياسي والاقتصادي وتطوّره، كانت الدولة الرأسمالية العميقة بارعة في خلق القضايا وإنتاج الهويات التي سهّلت عليها تسليع ما رأت فيه مصلحة لكي يُسلَّع، فالحقوق التي سجّل التاريخ أنّها مُنحَت لتحقيق أهداف تحرير الإنسان، لطالما كان خلفها مصلحة ما تعود بالنفع على نظام الهيمنة الرأسمالي. تفحص هذه الورقة تطوّر مسار النظام الرأسمالي الأميركي، وخاصة وفق مذهبه النيوليبرالي، وما تؤمّنه منظومة المصالح الشركاتية من نفوذ وهيمنة، لفهم العلاقات المصلحية الكامنة خلف الظواهر الهوياتية التي ظهرت في أميركا، وخاصة مع بروز تيار الشذوذ الجنسي في الولايات المتحدة خلال العقدين الماضيَين. وتظهر الأرقام والمعلومات الواردة في هذه الورقة جانباً من القوة الإقتصادية الكامنة وراء تيار الشذوذ الجنسي في الولايات المتحدة، وطبيعة العلاقات المصلحية التي أنتجها العقل الرأسمالي الأميركي للوصول إلى هدف خلق الزبون الوفي – مسلوب الوعي - الذي لا يملك خياراً سوى البقاء على وفائه لمنظومة يتوهّم أنّها ناصرته وانتصرت لقضاياه الهوياتية الجنسية الضيقة، بما يضمن تحقيق عوائد مالية ضخمة، وينتج أسواقاً من شأنها أن تضمن السيطرة على المجتمعات، في زمن تواجه فيه إمبراطورية الهيمنة الأميركية منافسة من قوى صاعدة كالصين وروسيا وآخرين.
اضافةتعليق