إنّ تشتُّتَ الاتجاهات في الفلسفات الأخلاقية من حيثُ تنظيرها لأسس السلوك الأخلاقي، ينعكسُ بشكلٍ مباشرٍ على كثير من الحدود المتخيّلةِ للمسؤولية الأخلاقية والمعايير التي على أساسها ينضبطُ الفهمُ للطبيعة البشرية وثباته عند حد معين. لذلك سنتوقف عند التحول القيمي في الخطاب الأخلاقي المعاصر، أي ذلك الانزياح من المفهوم الكلاسيكي والحديث باعتبار الطبيعة البشرية جوهرا وماهية، عقلا أو حساسية -حيث تتحدد دلالتها الميتافيزيقية- إلى المفهوم المعاصر الذي أصبحت تتحدد فيه علميا، كبيولوجيا معقدة أو كحصيلة تنشئة سوسيولوجية مركبة. ومهما يكُنْ، فإنَّ هذه الإحالة العلميَّة للطَّبيعة البشريَّة قد زعزعَت الكثير من القيم الأخلاقية الكونية اليوم، وشككت في جدوى المبادئ الأخلاقية الكلاسيكية، وما صاحبها من تحولات في بنية الأسرة ومفهومها، وفي بعض أشكالها الراهنة، وفي طبيعة الذكورة والأنوثة، والعلاقة بين الجنسين.
اضافةتعليق